لطالما كانت ملكية غير السعوديين للعقارات في المملكة العربية السعودية مسألة متشعبة ومحكمة التنظيم. فقد أبقت المملكة على قيود صارمة على الاستثمار الأجنبي في سوق العقارات في البلاد، مما يعكس المخاوف بشأن السيادة الوطنية والاعتبارات الديموغرافية. وقد أدخل نظام المملكة رقم 15 لعام 1421 بشأن نظام تملك غير السعوديين للعقار واستثماره في المملكة العربية السعودية نهجًا أكثر دقة وملاءمة للمستثمرين في هذه المسألة بالغة الأهمية.
ويضع النظام إرشادات واضحة للأفراد والكيانات الاعتبارية من غير السعوديين ممن يسعون إلى الحصول على عقارات في البلاد، حيث يسمح أحد البنود الرئيسية للمستثمرين غير السعوديين المرخص لهم بممارسة الأنشطة المهنية أو الحرفية أو الاقتصادية في المملكة العربية السعودية بشراء العقارات اللازمة لعملياتهم الخاصة بمؤسساتهم، بما في ذلك إقامة الموظفين. ويشمل ذلك القدرة على تأجير هذه العقارات، مما يوفر فرصًا استثمارية قيّمة. أما في الحالات التي يقوم فيها المستثمرون غير السعوديين بتملك مبانٍ أو أراضٍ لغرض البناء أو الاستثمار عن طريق الإيجار أو البيع، لا يجوز أن تقل التكلفة الإجمالية للمشروع عن 30،000،000 ريال ما لم ينص مجلس الوزراء على ذلك.
وبالنسبة للأشخاص الطبيعيين غير السعوديين المقيمين بشكل قانوني في المملكة، يسمح النظام بتملك العقارات للسكن الخاص، بشرط الحصول على موافقة وزارة الداخلية. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للممثلين الدبلوماسيين الأجانب والوكالات الدولية/الإقليمية الحصول على إذن من وزارة الخارجية للحصول على عقارات لمكاتبهم الرسمية وإسكان موظفيهم.
وأحد القيود البارزة هو حظر تملك غير السعوديين للعقارات داخل حدود المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، إلا عن طريق الميراث أو عن طريق منحه لجهة سعودية. وتنص المادة (5) على أن هذا القيد يسري على جميع غير السعوديين، باستثناء اكتساب الملكية عن طريق الميراث. ويوضح النظام كذلك تعريف “غير السعودي” على أنه أي مما يلي: أي شخص فردي لا يحمل الجنسية السعودية، وأي شركة أو كيان اعتباري غير سعودي، وأي شركة سعودية أسسها أو شارك في تأسيسها أو مملوكة جزئيًا لشخص طبيعي أو اعتباري لا يحمل الجنسية السعودية. ويستثنى من هذا النظام كل من البنوك وشركات التمويل العقاري المرخصة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، والشركات التي لا تعمل في الأنشطة العقارية.
في حالة نشوء أي نزاع عن ملكية أو تأجير أو استثمار عقارات من قبل أفراد أو كيانات غير سعودية داخل المملكة العربية السعودية، تخضع تلك النزاعات للتحكيم الملزم. وتُجرى إجراءات التحكيم وفقًا لنظام التحكيم في المملكة العربية السعودية ولائحته التنفيذية على النحو المبين في النظام رقم م/34، الصادر بتاريخ 24/5/1433.
ويتولى المركز السعودي للتحكيم التجاري إجراء التحكيم البديل، وتتألف هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين؛ يعين الطرف غير السعودي أحدهم، ويعين الطرف السعودي أحد المحكمين، ويُعين المحكم الثالث باتفاق متبادل بين المحكمين المعينين. وفي حالة عدم تمكن المحكمين المعينين من الاتفاق على اختيار المحكم الثالث، يتولى التعيين المحكمة المختصة ذات الاختصاص القضائي على موقع العقار المتنازع عليه. وتسري إجراءات التحكيم باللغة العربية أو الإنجليزية، كما يجوز لهيئة التحكيم، وفقًا لتقديرها، السماح باستخدام لغات أخرى أثناء الإجراءات إذا رأت ضرورة لذلك.
يهدف هذا المقال إلى الحفاظ على حرمة المدن المقدسة وسيادتها من خلال الحفاظ على الرقابة الصارمة على ملكية العقارات داخل حدودها. وهذا يعكس الأهمية الدينية والثقافية لهذه المواقع داخل المملكة العربية السعودية. فمع زيادة تنقيح وتحديث اللائحة التنفيذية لهذا النظام، سيكون من الأهمية بمكان بالنسبة للمستثمرين غير السعوديين مراقبة المشهد التنظيمي المتطور عن كثب للتعرف على الفروق الدقيقة في مجال الاستحواذ والاستثمار العقاري في المملكة. وقد شكّل نظام تملك غير السعوديين للعقارات واستثمارها علامة فارقة في جهود المملكة العربية السعودية لجذب رؤوس الأموال والخبرات العالمية إلى قطاعها العقاري. فمن خلال إنشاء إطار تنظيمي أكثر تساهلاً، سعت المملكة إلى ترسيخ مكانتها كوجهة أكثر جاذبية للمستثمرين الدوليين الباحثين عن فرص في منطقة الشرق الأوسط النشطة.