في عام 2024م، أدخلت المملكة العربية السعودية تعديلات جوهرية على نظام العمل السعودي رقم 51 لسنة 1426هـ، مما يعكس التزام المملكة بتعزيز مرونة سوق العمل وتحسين بيئة العمل. تعد هذه التغييرات جزءً من مبادرة رؤية 2030 الأوسع نطاقًا، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتحسين جودة الحياة للمقيمين، حيث تعد التعديلات الأخيرة على نظام العمل السعودي محورية في هذا التحول المستمر، حيث تؤثر على كل من الشركات والموظفين في جميع أنحاء المملكة.
وعلاوة على ذلك، تشير تعديلات نظام العمل رقم 44 لسنة 1446 إلى ”اللائحة التنفيذية“ التي تهدف إلى تعزيز وتوضيح وتفصيل جوانب مختلفة من التغييرات. لم تُنشر اللائحة التنفيذية المحدّثة حتى الآن، ولكننا نتوقع صدورها قبل دخول التعديلات الجديدة حيز التنفيذ.
أهم التعديلات على نظام العمل السعودي:
التعريفات الجديدة:
أدخلت التعديلات تعريفين جديدين في المادة 2 بعد التعديل:
الإسناد: يشير إلى توفير عامل للعمل لدى غير صاحب العمل وذلك من خلال منشأة مرخص لها لهذا الغرض.
الاستقالة: تعرف بأنها إفصاح العامل كتابة عن رغبته دون إكراه في إنهاء عقد عمل محدد المدة، وقبول صاحب العمل بها.
عقوبات عدم تجديد تصريح العمل وفقًا للمادة 7 بعد التعديل:
يمكن لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية الآن فرض عقوبات على عدم تجديد تصاريح العمل ليس فقط لعدم الامتثال للسعودة ولكن أيضًا لمخالفات تنظيمية أخرى. ويجوز للموظفين الانتقال إلى صاحب عمل آخر دون موافقة صاحب العمل الحالي بموجب شروط معينة.
العقود محددة المدة:
إذا لم يحدد عقد الموظف غير السعودي مدة محددة، فسيعتبر الآن عقد الموظف غير السعودي مدته سنة واحدة من تاريخ البدء. وإذا استمر الموظف في العمل بعد انتهاء تصريح العمل، سيُعتبر العقد مجددًا لمدة مماثلة.
حظر عمل غير السعوديين لدى الغير:
يُحظر على الموظفين غير السعوديين بشكل عام العمل لدى أي شخص آخر غير كفيلهم. ويمكن لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية الآن فرض عقوبات على المخالفات، وهي مخولة بالتصرف بناءً على الإحالات من وزارة الداخلية.
متطلبات تدريب المواطنين السعوديين وفقًا للمادة رقم 42:
يُلزم أصحاب العمل بوضع سياسة تدريب للموظفين السعوديين، مع تحديد نسبة مئوية من الموظفين الذين يحتاجون إلى التدريب سنويًا، وفقًا لما يقرره الوزير.
مدة التجربة وفقًا للمادة رقم 53:
جرى تمديد الحد الأقصى لمدة التجربة إلى 180 يومًا دون الحاجة إلى اتفاق منفصل للتمديد، حيث يمكن للطرفين إنهاء العمل خلال تلك المدّة.
تدابير مكافحة التمييز في المادة 61 بعد التعديلات:
فُرض واجب جديد على أصحاب العمل لضمان تكافؤ الفرص والمعاملة المتساوية في التوظيف، وحظر التمييز على أساس عوامل مختلفة منها العرق والجنس والإعاقة.
بدلات السكن والانتقالات في المادة رقم 58:
يُلزم أصحاب العمل الآن بتوفير السكن الملائم ووسائل النقل الملائمة أو البدلات النقدية للموظفين الذين يعملون في مكان مختلف عن المكان المتفق عليه دون اشتراط موافقة الموظف، ولكن لمدة لا تتجاوز ثلاثين يومًا في السنة.
حقوق الإنهاء:
استُحدثت حقوق جديدة لإنهاء الخدمة، بما في ذلك الاستقالة وإنهاء الخدمة بسبب إجراءات الإفلاس وفقًا للفقرة الجديدة المضافة في المادة رقم 74 مكرر.
مدد الإخطار:
وفقًا للتعديلات الجديدة في المادة 75، جرى تعديل مدة الإخطار للموظفين بعقود غير محددة، مما يسمح لهم بإنهاء الخدمة بموجب إخطار مدته 30 يومًا بينما يجب على أصحاب العمل توجيه إخطار مدته 60 يومًا.
التعويض عن ساعات العمل الإضافية:
يمكن لأصحاب العمل الآن تقديم إجازة تعويضية مدفوعة الأجر بدلاً من أجر ساعات العمل الإضافية، شريطة موافقة الموظف.
إجازة الوضع:
زيدت مدة إجازة الوضع المدفوعة الأجر من 10 إلى 12 أسبوعًا وفقًا للمادة رقم 151 بعد التعديل.
الآثار المنعكسة على الشركات:
يجب على الشركات العاملة في المملكة العربية السعودية ضمان الامتثال للنظام الجديد. فقد يؤدي عدم الالتزام بالأحكام إلى فرض عقوبات قانونية والإضرار بسمعة الشركة. ولذلك، ينبغي على المؤسسات إجراء مراجعات شاملة لممارسات إدارة الموارد البشرية لديها وتحديث عقود العمل الخاصة وفقًا لذلك.
علاوة على ذلك، فمع تبني سياسات أكثر ملاءمة للعمال، قد تشهد الشركات تحسنًا في معنويات الموظفين وإنتاجيتهم. ويمكن أن تعزز المبادئ التوجيهية الأكثر وضوحًا بشأن إنهاء الخدمة وحقوق أماكن العمل بيئة عمل أكثر إيجابية، مما يؤدي إلى انخفاض معدلات تغيير الموظفين. وقد تجعل حقوق الموظفين المحسّنة من المملكة العربية السعودية وجهة أكثر جاذبية للمواهب الأجنبية. وقد تجد الشركات التي تمتثل لنظام العمل الجديد سهولة أكبر في استقدام الموظفين المهرة والاستعانة بهم، مما يسهم في نهاية المطاف في تعزيز ميزتها التنافسية.
الآثار المنعكسة على الموظفين:
وتوفر اللائحة الجديدة للموظفين قدرًا أكبر من الأمن الوظيفي من خلال إجراءات أوضح لإنهاء الخدمة واشتراط وجود أسباب وجيهة للفصل. فمن المرجح أن يؤدي هذا التحول إلى زيادة معنويات الموظفين وولائهم، حيث يشعر الموظفون بمزيد من الحماية ضد القرارات التعسفية.
فضلًا على ذلك، بفضل تعزيز الحماية ضد التمييز والتحرش، يمكن للموظفين أن يتوقعوا مكان عمل أكثر احترامًا واحتواءً. ولا يعود هذا التغيير بالنفع على الموظفين الأفراد فحسب، بل يساهم أيضًا في تعزيز الثقافة المؤسسية الإيجابية بشكل عام.
وبالإضافة إلى ذلك، بينما تركز الشركات على التوطين وتوظيف المواطنين السعوديين، ستزداد فرص المواهب المحلية للارتقاء في حياتهم المهنية، مدعومين بمبادرات التدريب والتطوير.
يمكن أن يؤدي تنظيم ساعات العمل واستحقاقات الإجازات إلى تحقيق توازن أكثر راحة بين العمل والحياة الشخصية للموظفين. ويعتبر هذا التغيير مناسبًا بصفة خاصة في بيئة العمل سريعة الإيقاع، حيث يُقر بأهمية الوقت الشخصي والرفاهية.
وبوجه عام، يمثل نظام العمل السعودي الجديد تحولًا محوريًا في ساحة التوظيف في المملكة العربية السعودية. في حين أن الشركات قد تواجه بدايةً تحديات في التكيف مع هذه التغييرات، إلا أن الفوائد طويلة الأجل لبيئة عمل أكثر شفافية وإنصافًا ودعمًا كبيرة. أما بالنسبة للموظفين، فإن النظام يوفر حماية وحقوقًا محسّنة للموظفين، مما يعزز ثقافة الاحترام والتمكين. وأخيرًا، تتماشى تلك الإصلاحات مع الأهداف الأوسع نطاقًا لرؤية 2030، مما يعزز النمو الاقتصادي المستدام والتنمية الاجتماعية في المملكة.
للدعم في قضيتك، تواصل معنا عبر نموذج الاستفسارات (رابط إلى https://ahysp.com/contact-us/) أو عبر البريد الإلكتروني info@ahysp.com.