يعد القطاع العقاري في المملكة العربية السعودية مكونًا حيويًا على الساحة الاقتصادية للبلاد، ويحكمه إطار تنظيمي شامل تشرف عليه العديد من الجهات الحكومية. يهدف هذا المقال إلى تقديم عرضًا تفصيليًا عن المشهد التنظيمي والهيئات الحاكمة الرئيسية واللوائح التنظيمية الهامة التي يجب على المستثمرين والمطورين والمهنيين التعامل معها عند العمل في سوق العقارات في المملكة.
يحكم قطاع العقارات في المملكة العربية السعودية إطار تنظيمي شامل تُشرف عليه العديد من الجهات الحكومية. وإن استيعاب تلك اللوائح التنظيمية أمر بالغ الأهمية للمستثمرين والمطورين والمهنيين العقاريين المحليين والأجانب في المملكة.
الجهات التنظيمية
تأسست الهيئة العامة للعقار بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (239) لسنة 1438 ه؛ لتهدف إلى تعزيز الشفافية، وتحفيز الاستثمار، وتوفير الحماية للمستهلكين في المجال العقاري.
وقد بدأت الهيئة بالفعل في العمل على تعزيز الشفافية من خلال تطوير مؤشرات الأسعار (البيع والإيجار) ومؤشرات أخرى حول سير أعمال البناء.
الهيئة العامة للعقار في المملكة العربية السعودية هي الجهة الحكومية المسؤولة عن تنظيم القطاع العقاري في المملكة العربية السعودية والإشراف عليه. وقد تأسست كجزء من خطة التنويع الاقتصادي والتنمية لرؤية المملكة 2030.
تشمل المسؤوليات الرئيسية للهيئة العامة للعقار ما يلي:
- صياغة السياسات واللوائح والمعايير الخاصة بمجال العقارات،
- وإصدار التراخيص والتصاريح للأنشطة والمشروعات العقارية،
- والإشراف على تسجيل وتوثيق المعاملات العقارية،
- وتعزيز الاستثمار والتنمية في القطاع العقاري،
- وحماية حقوق المستهلكين وضمان الشفافية في الصفقات العقارية.
بالإضافة إلى الهيئة العامة للعقار، تشمل السلطات الرئيسية الأخرى المعنية باللوائح العقارية وزارة الإسكان والسلطات البلدية ووزارة الاستثمار. وتؤدي تلك الكيانات أدوارًا تكميلية في مجالات مثل الترخيص والتصاريح وإدارة الأراضي وتشجيع الاستثمار.
التراخيص والتصاريح
بالنسبة للمطورين العقاريين العاملين في المملكة العربية السعودية، فإن الحصول على رخصة المطور العقاري الإلزامية من الهيئة العامة للعقار شرط أساسي، حيث يضمن هذا الترخيص استيفاء المطورين للمؤهلات اللازمة والامتثال للوائح ذات الصلة.
بالإضافة إلى رخصة المطور، هناك العديد من التصاريح الأخرى المطلوبة للمشاريع العقارية. ويجرى الحصول على تلك التصاريح من خلال الهيئات البلدية والحكومية ذات الصلة حسب طبيعة المشروع وموقعه.
ملكية الأراضي وتسجيلها
ويقرّ النظام السعودي بملكية الأرض ملكية مطلقة وكذلك حقوق الحيازة الإيجارية. فقد صدر نظام التسجيل العقاري رقم 91 لسنة 1443هـ لإنشاء نظام رسمي لتمليك وتسجيل الأراضي، والذي تقوم الهيئة العامة للعقار بتنفيذه.
وقبل هذا الإصلاح، كانت ملكية الأراضي تُسجل من خلال سندات الملكية التي تصدرها كتبات العدل المحلية، دون وجود سجل مركزي. ويهدف النظام الجديد إلى تحقيق قدر أكبر من الشفافية والأمان في ملكية الأراضي ومعاملاتها.
المعاملات العقارية
يجب توثيق جميع عمليات بيع العقارات ونقل ملكيتها في المملكة العربية السعودية من خلال كتابات العدل. بالإضافة إلى ذلك، يخضع القطاع العقاري للوائح محددة تحكم السمسرة وتقييم العقارات وحماية المستهلك.
الاستثمار العقاري
تبذل الحكومة السعودية جهودًا حثيثة لجذب الاستثمار الأجنبي في القطاع العقاري. ويشمل ذلك المبادرات التي تقودها الهيئة العامة للعقار للترويج لفرص الاستثمار وتسهيل مشاركة المستثمرين الدوليين.
كما تتوافر لوائح تنظم ملكية غير السعوديين للعقارات، والتي ينبغي أن يكون المستثمرون المحتملون على دراية بها.
قيود الجنسية على ملكية الأراضي
هناك لوائح تمايز بين مجموعتين من الرعايا الأجانب في المملكة العربية السعودية:
وفقًا للمرسوم الملكي رقم 22 لعام 1432هـ، أصبح بإمكان مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تشمل سلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين وقطر، وكذلك الشركات الموجودة في دول مجلس التعاون الخليجي والمملوكة بالكامل لمواطنيها، تملك واستئجار العقارات في المملكة العربية السعودية على نفس الأسس وبنفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون السعوديون؛ إلا أن ذلك يخضع للقيود التالية:
- يمكنهم الآن تملك واستئجار العقارات في المملكة العربية السعودية على نفس الأسس التي يتمتع بها المواطنون السعوديون، مع بعض القيود:
- يجب تطوير الأرض أو استخدامها خلال 4 سنوات من التسجيل.
- لا يمكن التصرف في الأرض لمدة 4 سنوات من التسجيل أو حتى استخدامها/تطويرها، أيهما أقرب.
ومع ذلك، لا تزال ملكية العقارات في المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة مقصورة على المواطنين السعوديين فقط.
أما الأجانب من أي جنسية أخرى، والشركات من غير دول مجلس التعاون الخليجي، والشركات المملوكة لأجانب من غير دول مجلس التعاون الخليجي، فهناك قيود كبيرة على قدرتهم على تملكهم للأراضي ملكية مطلقة في المملكة العربية السعودية.
ويجوز لهم استئجار الأراضي عدا في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولكن التملك يقتصر على ظروف معينة:
- يمكن للأجانب المقيمين أن يمتلكوا عقارات للإقامة فقط بتصريح،
- يمكن للشركات الأجنبية الحاصلة على تراخيص عمل أن تمتلك عقارات لأعمالها وإسكان موظفيها،
- يمكن للشركات الأجنبية الاستثمار في العقارات وتطويرها بقيمة تزيد عن 30 مليون ريال سعودي، إذا اكتملت خلال 5 سنوات،
- يمكن للبعثات الدبلوماسية وبعض المنظمات الدولية امتلاك أراضٍ للمقرات الرسمية ومساكن الموظفين.
وفي الختام
يتطور المشهد التنظيمي العقاري في المملكة العربية السعودية ليتماشى مع أهداف التنويع الاقتصادي والتنمية الأوسع نطاقًا في المملكة. فإن استيعاب تلك اللوائح والامتثال لها أمر ضروري لجميع أصحاب المصالح العاملين في السوق العقاري السعودي.